إيران تلكس - أول رد فعل لدى الكثيرين عند ظهور أعراض البرد هو تناول المضادات الحيوية بسرعة. ولكن هل يمكن لهذه الأدوية حقًا أن تُحسّن أعراض البرد وتقضي على العامل المسبب للمرض، أم أنها، على العكس، تُعرّض صحة الشخص للخطر؟
صرّح أميد مرادي، أخصائي الصيدلة السريرية وعضو هيئة التدريس بكلية الصيدلة في شيراز، قائلاً: "السبب الرئيسي لنزلات البرد هو الفيروسات. بعد تطور المرض، تظهر أعراض مثل الحمى، وسيلان الأنف واحتقانه، وحكة في الأنف والعينين والجهاز التنفسي، والتهاب الحلق، والسعال لدى المريض. تجدر الإشارة إلى أن نسبة ضئيلة فقط من التهابات الجهاز التنفسي تكون ذات أصل بكتيري".
وأوضح أن المضادات الحيوية المتوفرة في الصيدليات مثل الأموكسيسيلين والبنسلين والأزيثروميسين فعالة فقط ضد البكتيريا وليس لها دور في علاج الالتهابات الفيروسية.
وقال عضو هيئة التدريس بجامعة شيراز للعلوم الطبية: "إن الإفراط في استخدام هذه الأدوية لا يساعد على تحسين المرض فحسب، بل يمكن أن يسبب أيضًا آثارًا جانبية مثل مشاكل الجهاز الهضمي، وردود الفعل التحسسية، والتغيرات في البكتيريا الطبيعية في الجسم، فضلاً عن تفاعلات الأدوية".
وأشار مرادي إلى أن الأطفال وكبار السن أكثر حساسية للآثار الجانبية الناجمة عن الاستخدام العشوائي للأدوية، وقال: "الاستخدام غير الصحيح للمضادات الحيوية يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة مثل الحساسية الشديدة".
حدد هذا العضو في هيئة التدريس بجامعة شيراز للعلوم الطبية الإفراط في استخدام المضادات الحيوية باعتباره السبب الرئيسي لمقاومة الميكروبات، قائلاً: "مقاومة الميكروبات ظاهرة عالمية جعلت علاج العديد من الالتهابات صعبًا ومكلفًا".
وبحسب مرادي، ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، كانت مقاومة البكتيريا مسؤولة بشكل مباشر عن 1.27 مليون حالة وفاة وساهمت بشكل غير مباشر في 4.95 مليون حالة وفاة في عام 2019. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن العدوى البسيطة التي كان من السهل علاجها في السابق ستصبح تهديدًا مميتًا.
وقال عضو هيئة التدريس بجامعة شيراز للعلوم الطبية: "للأسف، ووفقًا للتوقعات الموجودة، فإن معدل الوفيات الناجمة عن أزمة مقاومة مضادات الميكروبات آخذ في الازدياد في العالم، وتعتبر هذه القضية عاملاً خطيرًا يهدد الصحة العامة للمجتمع".
وأوضح مرادي أن إحدى الطرق الأكثر فعالية لتحسين هذه الحالة والسيطرة عليها هي الحد من الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية وتجنب الاستخدام العشوائي لهذه الأدوية.
أشار إلى أن الكثيرين يعتقدون أن الحمى والتهاب الحلق الناتج عن نزلات البرد يتطلبان تناول المضادات الحيوية، وأن هذه الأدوية تخفف هذه الأعراض بشكل أسرع. وأضاف: "مع أن هذه الأعراض غالبًا ما تكون ناجمة عن عدوى فيروسية، ولا يؤثر تناول المضادات الحيوية على تحسنها، إلا أنه يُنصح بالسيطرة على أعراض المريض باستخدام الأدوية المتوفرة بكثرة، مثل الأسيتامينوفين ومضادات البرد، بناءً على توجيهات الطبيب والصيدلي".
وتابع: "استخدام المضادات الحيوية مهم جداً في علاج الأمراض البكتيرية، ولكن لا ينصح به إلا بعد أن يقوم الطبيب المعالج بتشخيص العدوى البكتيرية ووصف الدواء".
وأضاف عضو هيئة التدريس بجامعة شيراز للعلوم الطبية: "في حالة ظهور أعراض شديدة أو عدم تحسن الأعراض أو وجود أمراض كامنة مثل مرض السكري وأمراض القلب والجهاز التنفسي والكلى والكبد والسرطان وضعف الجهاز المناعي، فمن الضروري مراجعة الطبيب".
واعتبر مرادي أن دور الصيادلة في طليعة التثقيف والإعلام العام مهم، وأضاف: "إن المراقبة الدقيقة لوصف الأدوية وتسليمها هي إحدى الأدوات الأكثر فعالية للسيطرة على الاستخدام غير العقلاني للمضادات الحيوية ومكافحة مقاومة الميكروبات".
وبحسب وزارة الصحة، أكد أن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية لعلاج نزلات البرد لا يُجدي نفعًا علاجيًا فحسب، بل يُهدد أيضًا صحة الفرد والمجتمع، مضيفًا: "مقاومة الميكروبات أزمة عالمية، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، قد تُهدد مستقبل العلاجات الطبية.
والحل الرئيسي يكمن في زيادة الوعي العام، ووصف الأدوية بمسؤولية من قبل الأطباء، وإشراف الصيادلة".