إيران تلكس - أشار أحد أعضاء هيئة التدريس بقسم التكنولوجيا الحيوية الصيدلانية بجامعة شيراز للعلوم الطبية، إلى الدعاية الواسعة النطاق فيما يتعلق بدور الكولاجين الصالح للأكل، وقام بفحص الادعاءات والأدلة العلمية في هذا المجال
في عالمنا اليوم، أصبح اسم "الكولاجين" مصطلحًا شائعًا في عالم التجميل، حيث تُبشر المشروبات والمساحيق ببشرة شابة وشعر كثيف وأظافر قوية. ولكن ماذا يقول العلم عن هذه الضجة التسويقية؟
ما هو الكولاجين ولماذا هو بهذه الأهمية؟ صرّح الدكتور أحمد غلامي، الحاصل على درجة الدكتوراه في التكنولوجيا الحيوية الصيدلانية بجامعة شيراز للعلوم الطبية، بأن الكولاجين هو البروتين الرئيسي الذي يُكوّن النسيج الضام في أجسامنا، قائلاً: يُمكن تشبيه الكولاجين بالهيكل العظمي أو دعامة الجلد والأوتار والعظام والغضاريف، فهو يُوفر القوة والمرونة والبنية. مع التقدم في السن، يتناقص إنتاج هذه الدعامة القوية في الجسم تدريجيًا.
كما أن عوامل مثل الأشعة فوق البنفسجية من الشمس والتدخين واتباع نظام غذائي غير صحي تُسرّع هذه العملية الطبيعية، مما يؤدي إلى ظهور التجاعيد وانخفاض مرونة الجلد وترهله.
وتابع: هذه المكملات الغذائية غالبا ما توجد في الأسواق على شكل مساحيق أو كبسولات أو مشروبات تحتوي على الكولاجين المحلل أو ببتيدات الكولاجين؛ ففي عملية التحلل المائي، يتم تكسير جزيء الكولاجين الكبير، الذي لا يمكن للجسم امتصاصه بمفرده، إلى قطع أصغر قابلة للهضم، وبعد الاستهلاك يتم امتصاصه في مجرى الدم في الجهاز الهضمي.
قال أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة شيراز للعلوم الطبية، في معرض طرحه لسؤال حول وصول الببتيدات إلى الجلد مباشرةً: "الإجابة العلمية على هذا السؤال دقيقة؛ فخلافًا للاعتقاد السائد، لا تنتقل هذه الببتيدات مباشرةً إلى الجلد. ومع ذلك، تُظهر الأدلة العلمية أن الببتيدات تعمل كناقل قوي، وعند دخولها الجسم، تُحفز الخلايا المُكوّنة للكولاجين في الجلد (الخلايا الليفية) وتُوجّهها لزيادة إنتاج الكولاجين والإيلاستين وحمض الهيالورونيك (المادة المُرطبة الرئيسية).
في الواقع، وبمثال بسيط، يُمكن القول إن هذه المُكمّلات الغذائية، بدلًا من تزويد الجلد بمواد بناء، تُصدر المزيد من طلبات التصنيع إلى ورش تصنيع المواد في الجسم.
وبتحليل النتائج العلمية في هذا الصدد، أضاف: "تشير مراجعة منهجية لدراسات مختلفة نُشرت في مجلات علمية مرموقة إلى أن الاستهلاك اليومي والمستمر (لمدة 8 إلى 12 أسبوعًا على الأقل) لببتيدات الكولاجين قد يكون مفيدًا للبشرة. وغالبًا ما تشمل هذه الفوائد المحتملة تحسينات ملحوظة في ترطيب البشرة، وزيادة مرونتها، وتقليل ظهور التجاعيد الدقيقة".
وأضاف غلامي: "يبدو أن الببتيدات البحرية (الأسماك) تُحسّن أداء الترطيب نظرًا لصغر حجمها؛ ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن العديد من المنتجات التجارية تحتوي على مزيج من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، بالإضافة إلى الكولاجين. وهذا يُصعّب على الباحثين تحديد ما إذا كانت التأثيرات الملحوظة ناتجة عن الكولاجين وحده أم عن مزيج من هذه المكونات".
أكد الأستاذ المشارك في جامعة شيراز للعلوم الطبية أن الادعاءات المتعلقة بتقوية الشعر والأظافر فورًا تستند إلى أدلة علمية أضعف بكثير، وتابع: "الدراسات المتعلقة بهشاشة الأظافر محدودة، ولم تُجرَ أي دراسة موثوقة وموسعة حول التأثير المباشر للكولاجين على نمو الشعر وكثافته ولمعانه لدى البشر. بعض الادعاءات، وخاصةً في الفضاء الإلكتروني، تفتقر إلى سند علمي قوي وتهدف إلى زيادة المبيعات، لذا يجب عدم الوقوع في فخ هذه الدعاية المضللة والكاذبة".
بحسب غلامي، قبل الشروع في تناول هذه المكملات، من الضروري اتباع هذه النصائح للحفاظ على الصحة، وأضاف في هذا الصدد: "لا يمكن لأي مكمل غذائي أن يحل محل نمط حياة صحي.
إن حماية البشرة من الشمس بعناية باستخدام واقي الشمس، والإقلاع عن التدخين، وتجنب الكحول، واتباع نظام غذائي متوازن غني بالبروتينات عالية الجودة مثل اللحوم والأسماك والبقوليات وفيتامين ج، الضروري لإنتاج الكولاجين، تُعتبر الطريقة الأساسية والأكثر فعالية للحفاظ على بشرة صحية ونضرة".
اعتبر استشارة الطبيب أو الصيدلي قبل تناول هذه المنتجات ضرورةً قصوى، وقال: هذا مهمٌّ خاصةً للأشخاص الذين لديهم تاريخٌ من النقرس، أو يعانون من مشاكل في الكلى، أو يضطرون لاتباع نظام غذائي منخفض البروتين لأي سببٍ كان، لأن الإفراط في تناول الكولاجين قد يُسبب مضاعفاتٍ خطيرةً لهذه الفئة.
وأكد عضو هيئة التدريس بجامعة شيراز للعلوم الطبية على أهمية اختيار المنتج المناسب، قائلاً: عند التسوق، ابحث عن المنتجات التي تحمل علامة الكولاجين المُحلل، وتجنب شراء المنتجات التي تحتوي على إضافاتٍ وسكرياتٍ ونكهاتٍ صناعية. تأكد دائمًا من أن المنتج حاصلٌ على ترخيصٍ رسميٍّ من هيئة الغذاء والدواء.
وبحسب غلامي، فإن فعالية مكملات الكولاجين الفموية، وخاصة لتحسين مظهر البشرة، تعتمد على أدلة علمية واعدة؛ ومع ذلك، فإن هذه المكملات ليست معجزات ويمكنها فقط أن تلعب دور المكمل الغذائي إلى جانب نمط حياة صحي.
وذكّر بأن المكملات الغذائية لا يمكنها أن تحيد بشكل كامل الآثار الضارة لأسلوب الحياة غير الصحي أو الشيخوخة الطبيعية، وقال: "مع المعرفة الكافية والتوقعات الواقعية وتحت إشراف الخبراء، يمكننا اتخاذ قرار مستنير بشأن الاستهلاك، وتذكر أن الاستثمار الأكثر ذكاءً لبشرتنا وصحتنا العامة هو اختيار نمط حياة صحي".