السبت 16 آب 2025 - 14:58
رقم : 4446
تعاون بكين مع قوى إقليمية مثل إيران

كيف يمكن للصين أن تصنع مستقبل الشرق الأوسط

إیران تلکس - برزت أهمية الصين المتزايدة في الأمن الإقليمي بعد انتهاء العدوان الاسرائيلي على ايران؛ عندما قام وزير الدفاع الإيراني بأول زيارة رسمية له إلى الصين. وخلال حضوره اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ، أعرب عن أمله في أن "تواصل الدولة المضيفة الدفاع عن العدالة".
كيف يمكن للصين أن تصنع مستقبل الشرق الأوسط
وكالة مهر للأنباء: كشفت الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط، بما في ذلك الكارثة الإنسانية في غزة، أكثر من أي وقت مضى، عن هشاشة النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وازدواجية معايير الغرب.

من الصعب التقليل من خطورة الوضع؛ وهو وضع يُبرز الحاجة إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي.

جاء في تقرير صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" بعنوان "كيف يمكن للصين أن تشكل مستقبل الشرق الأوسط": حذر العديد من الباحثين الإسرائيليين ومنظمات حقوق الإنسان والقادة السياسيين علنًا من فظائع غير مسبوقة.

حتى إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق والعضو السابق في حزب الليكود الحاكم، حذر من جرائم حرب و"تحويل غزة إلى كارثة إنسانية". بينما يُعاني الفلسطينيون من الجوع، يُحذر الخبراء من احتمال وفاة عشرات الآلاف من المدنيين.

ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الرئيسية مُتمسكة بدعمها لإسرائيل، مُصرّةً على حقها في "الدفاع المشروع" بعد هجمات 7 أكتوبر المروعة. في غضون ذلك، تزايدت المخاوف من تجدد الصراع العسكري الأكثر تدميراً بين إسرائيل وإيران، وهو حدثٌ ستكون له عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي وإمدادات الطاقة العالمية.

ببساطة، يبحث العالم جاهداً عن قيادة بديلة تُحافظ على نظام دولي قائم على القواعد.

عموماً، لم تتدخل الصين بشكل مباشر في أيٍّ من صراعات الشرق الأوسط. بل أدانت بكين تصرفات الحكومات الغربية، بينما دعمت الدبلوماسية. ولكن نظراً لشبكة نفوذها الواسعة، النابعة من علاقاتها التجارية والدفاعية المتنامية مع دول رئيسية في الشرق الأوسط وخارجه، تتمتع الصين بموقع فريد يُمكّنها من استخدام قوتها العالمية للدفع بحلٍّ بنّاء أكثر - حلٌّ يمنع الحروب الكبرى ويُقلل من المعاناة الإنسانية.


بصفتها ثاني أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، وشريكاً تجارياً رئيسياً للعديد من الدول في ظلّ هيمنة الولايات المتحدة على العالم، تتمتع الصين بمكانة فريدة تُمكّنها من لعب دور حاسم في السياسة العالمية. فبينما يتحدث الغرب باستمرار عن "نظام دولي قائم على القواعد"، إلا أنه هو نفسه من بدأ أو عجز عن منع صراعات متعددة في وقت واحد في الشرق الأوسط.

بعد عقود من الهيمنة العالمية، تقوّضت مكانة الولايات المتحدة بسبب ازدواجية المعايير، والانتهاكات المتكررة للقانون الدولي، بل وحتى الهجمات الصريحة على المؤسسات الدولية.

إضافةً إلى ذلك، فإنّ نهج إدارة ترامب القسري تجاه الحلفاء، بما في ذلك مطالبة أعضاء الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي وفرض رسوم جمركية باهظة على الشركاء المقربين في آسيا وأوروبا، قد زاد من تآكل القوة الناعمة الأمريكية.

وجد استطلاع حديث لمركز "بيو" للأبحاث أن الصين تحظى بشعبية أكبر من الولايات المتحدة حتى بين حلفاء الولايات المتحدة مثل اليونان وتركيا والمكسيك وكينيا وإندونيسيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا. وفي الدول الغربية مثل كندا وألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد وإيطاليا، تتساوى الصين والولايات المتحدة تقريبًا في المستوى.

في ظلّ نفوذها المتزايد، أطلقت بكين مبادرة "الأمن العالمي". ومثل مبادرة "التنمية العالمية" ومبادرة "الحضارة العالمية"، فإنّ هذه المبادرة تهدف إلى ترسيخ مكانة الصين كركيزة أساسية في النظام العالمي لما بعد أمريكا.

ورغم أن الشرق الأوسط ليس الجار المباشر للصين، إلا أن الاعتماد المتزايد على واردات الطاقة من المنطقة، والتي تمثل ما يقرب من نصف إجمالي واردات الصين من الطاقة، جعل المخاوف المشتركة بشأن التطرف والحاجة إلى مواجهة التوجه الاستراتيجي الأمريكي نحو آسيا محورًا أساسيًا في السياسة الخارجية لبكين.

في إطار استراتيجية "التوجه غربا"، سعت الصين إلى توسيع عمقها الاستراتيجي في الشرق الأوسط من خلال استثمارات البنية التحتية، والاتفاقيات التجارية، وعقود الدفاع، وعلى وجه الخصوص، الاستفادة من تنامي المشاعر المعادية للغرب.

وقد عزز دور الصين في تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى استضافتها مؤخرًا للفصائل المتنافسة في القيادة الفلسطينية، الآمال في دور أكثر فاعلية لبكين في المنطقة.

ظهرت أهمية الصين المتزايدة في الأمن الإقليمي بعد فترة وجيزة من انتهاء "حرب الاثني عشر يومًا" الأخيرة بين إيران وإسرائيل؛ فعندما قام وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده بأول زيارة رسمية له إلى الصين، أعرب عن أمله في أن "تواصل الدولة المضيفة دعم العدالة".

وقال شي خلال حضوره اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ: "إن الصين ستلعب دورا أكثر نشاطا في الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي وخفض التوترات الإقليمية".


يمكن للصين أن تمارس تأثيرًا بنّاءً على جبهات عديدة. بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقائدةً في مؤسسات مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، تعمل بكين على حشد دول الجنوب العالمي نحو نظام ما بعد أمريكا. ويمكن للصين بناء ودعم عالمي لحل الدولتين، قائم على القانون الدولي، يضمن كرامة وسيادة كل من الفلسطينيين والإسرائيليين.

وقد عارضت بكين بشدة احتلال إسرائيل لغزة؛ ودعا سفير الصين لدى الأمم المتحدة، فو كونغ، مؤخرًا إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن.

يمكن للصين العمل مع القوى الإقليمية، بما في ذلك تركيا وإيران والدول العربية الرائدة، لإرساء وقف إطلاق نار دائم والحفاظ عليه.

ونظرًا لنفوذها الاقتصادي، يمكن للصين أن تلعب دورًا محوريًا في إعادة الإعمار والتعافي بعد الحرب، من أجل إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة ومستقرة. علاوة على ذلك، يمكن للصين أن تتوسط في تهدئة أكثر استدامة بين إيران والولايات المتحدة، كجزء من خارطة طريق طويلة الأمد لمنع نشوب حروب إقليمية كبرى.


في نهاية المطاف، تتمتع بكين بنفوذ كبير، إذ يمكنها عرقلة عقوبات الأمم المتحدة، وشراء حصة كبيرة من صادرات النفط الإيرانية، وإذا قررت بيع معدات عسكرية لإيران، فقد تكون مفتاح استعادة توازن القوى في الشرق الأوسط.

إن المصالح الوطنية الصينية، وتحديدًا استقرار إمدادات الطاقة من الشرق الأوسط والمخاوف بشأن التطرف الديني، تتعرض للخطر. بعد أن لعبت دورًا تجاريًا كبيرًا في الشرق الأوسط، أصبحت الصين الآن أمام فرصة لتشكيل مستقبل إحدى أهم مناطق العالم وأكثرها هشاشةً.
https://www.irantelex.ir/ar/news/4446/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة