الأحد 7 أيلول 2025 - 13:09
رقم : 4798
إیران تلکس - أكد وزير الخارجية الايراني، السيد عباس عراقجي في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية ان الدول الاروبية مخطئة في اتباع استراتيجية ترامب وعليها أن تهيّئ الوقت والمساحة اللازمين لنجاح الدبلوماسية.
عراقجي: أوروبا مخطئة في اتباع استراتيجية ترامب وعليها منح الفرصة للدبلوماسية

 

وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه كتقب السيد عباس عراقجي في مقال لصحيفة الغارديان أنّ أوروبا لأكثر من عقدين وجدت نفسها في قلب "الأزمة المفتعلة والمستمرة" حول البرنامج النووي السلمي لإيران، مشيراً إلى أنّ دورها يعكس بصورة كبيرة طبيعة توازن القوى في الساحة الدولية.
وأضاف أنّ أوروبا التي كانت في السابق قوة وسطية تسعى إلى كبح جماح الولايات المتحدة والحد من أهدافها القصوى في المنطقة، تحوّلت اليوم إلى "مسهِّل لطموحات واشنطن المفرطة".

وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى إعلان الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) الأسبوع الماضي عن تفعيلها لآلية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، مبيناً أنّ هذه الآلية صُممت لمعاقبة عدم تنفيذ الالتزامات الجوهرية الواردة في الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته إيران مع الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة وروسيا والصين.

ورأى عراقجي أنّ تحرك الدول الأوروبية الثلاث "يفتقر تماماً إلى أي أساس قانوني"، موضحاً أن السبب الرئيسي لذلك هو تجاهلها تسلسل الأحداث التي دفعت إيران إلى اتخاذ إجراءات تعويضية مشروعة في إطار الاتفاق النووي نفسه.

الدول الأوروبية الثلاث تريد أن يُطوى في الذاكرة أنّ الولايات المتحدة، لا إيران، هي التي انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق النووي .

كما أنّ هذه الدول تغضّ الطرف عن حقيقة أنّها لم تلتزم بتعهداتها في إطار الاتفاق فحسب، بل وصلت بها الجرأة إلى الترحيب العلني بالقصف الذي استهدف إيران في حزيران/يونيو الماضي.

وكما شدّدت الصين وروسيا، فإنّ الانتقائية في تنفيذ الالتزامات الدولية تجعل خطوة الترويكا الأوروبية لاغية وعديمة الأثر.

قد يبدو للوهلة الأولى أنّ بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتحرك بدافع الضغينة، لكن الواقع أنّها تسلك عمداً وبكامل التركيز مساراً خطيراً، تحت وهم أنّ هذا النهج قد يمنحها مقعداً على طاولة المفاوضات في قضايا أخرى. لكنّ ذلك –وفق عراقجي– خطأ جسيم سيعود بالضرر عليها حتماً. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوضح مراراً أنّه لا يرى في الأوروبيين سوى لاعبين ثانويين، ويتجلى ذلك في استبعاد أوروبا من ملفات مصيرية لمستقبلها، مثل أزمة روسيا وأوكرانيا.

الرسالة الأمريكية كانت واضحة: إذا أرادت الدول الأوروبية الثلاث مكانة، فعليها أن تُظهر ولاءً مطلقاً. وصور قادة أوروبا وهم يجلسون في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمام ترامب كانت أبلغ دليل على ذلك.

غير أنّ الوضع لم يكن دائماً على هذه الشاكلة؛ فحين تشكّلت الترويكا الأوروبية عام 2003 بهدف كبح جماح إدارة جورج بوش الابن بعد اجتياحها أفغانستان والعراق، رحّبت إيران بالمبادرة. لكن المفاوضات انهارت سريعاً بسبب عجز أوروبا عن تقديم عرض واقعي ذي قيمة، وفقدانها الجرأة لمواجهة واشنطن.

آنذاك، كان فريق التفاوض الإيراني يطالب فقط بالاحتفاظ بـ 200 جهاز طرد مركزي لأغراض تخصيب اليورانيوم على نطاق محدود، لكن حتى هذا المطلب قوبل برفض أمريكي متشدّد نُقل عبر الأوروبيين.
ولم تندلع الحرب حينها، لأن الولايات المتحدة كانت قد دفعت ثمناً باهظاً –بشرياً ومالياً– جراء احتلالها غير المشروع لجيران إيران شرقاً وغرباً.

بعد ثماني سنوات من سباق العقوبات والطرد المركزي بين إيران والغرب، الذي تراكمت خلاله لدى بلادي 20 ألف جهاز طرد مركزي، أي أكثر بمئة مرة من عام 2005، تهيأت الأرضية لحديث غير مسبوق نتيجة تحولين رئيسيين:

القبول الضمني لحق إيران في التخصيب من قبل الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة.
قبول إيران للولايات المتحدة كطرف في المفاوضات.

هذا التغيير الجوهري أدّى مباشرة إلى توقيع برنامج العمل الشامل المشترك، الذي كان واضحاً تماماً: رقابة غير مسبوقة وقيود على التخصيب الإيراني مقابل رفع العقوبات.

وقد أثبتت هذه الصيغة فعاليتها.
لكن بعد مرور عقد من الزمن، نحن على وشك العودة إلى نقطة البداية. ففي عام 2018، أوقف الرئيس ترامب مشاركة الولايات المتحدة في الاتفاق وأعاد فرض كل العقوبات، ما أسفر عن سلسلة من الأحداث القابلة للتفادي.

وأستخدم عن قصد عبارة "إيقاف المشاركة"، لأن الإتفاق هو برنامج عمل وليس معاهدة، وبالتالي لا يتضمن بند انسحاب.

في البداية، وكنتيجة لتدمير هذا الاتفاق التاريخي، شعرت الدول الأوروبية الثلاث بقلق بالغ، ووعدت بتعويض الوضع، مع الإقرار علناً بأن: "رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي وإعادة تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران يشكلان مكونات أساسية للاتفاق."

وأعلن وزير المالية الفرنسي بلهجة حازمة أنّ أوروبا ليست "تابعة"، فيما شدّد قادة أوروبا الآخرون على "استقلالهم الاستراتيجي"، مؤكدين أنّ هذا الاستقلال سيضمن استمرار التجارة مع إيران وتحقيق الفوائد الموعودة لشعبي، بما في ذلك بيع النفط والغاز وإتمام المعاملات البنكية الفعالة.

لكن لم يتحقق أي من هذه الوعود عملياً. في الواقع، لو تمكنت الدول الأوروبية الثلاث من إثبات أي التزام واحد من التزاماتها العديدة تجاه إيران، فإن طهران كانت ستتنازل بسرور عن كل حقوقها في تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً.

وبينما لم تلتزم أوروبا بتعهداتها، تتوقع أن تتقبل إيران جميع القيود أحادية الجانب.
في هذا السياق، لم تُدين الدول الأوروبية الثلاث هجوم الولايات المتحدة على إيران في يونيو الماضي، على مقربة من المفاوضات الدبلوماسية، لكنها الآن تطالب بالعقوبات الأممية بزعم رفض إيران الحوار.

وكما حذرتُ نظرائي في الدول الأوروبية الثلاث، فإن هذه اللعبة لن تؤدي إلى النتائج المرجوة؛ بل على العكس، ستؤدي إلى استبعاد هذه الدول من العمليات الدبلوماسية المستقبلية، مع تبعات سلبية واسعة على مستوى أوروبا من حيث المصداقية والمكانة العالمية.

رغم إدراكنا أنّ الدول الأوروبية الثلاث قد تحوّلت إلى لاعبين مختلفين تماماً، لا يزال هناك وقت وضرورة عاجلة لحوار صادق، يجب أن يبدأ بتوضيح المعنى الحقيقي لـ"المشاركة" في الإتفاق النووي، وهو شرط أساسي مصحوب بحسن نية لتفعيل بنود الاتفاق.

إن ادعاء مشاركة الدول الأوروبية الثلاث في اتفاق يُعتبر الركيزة الأساسية له هي تخصيب اليورانيوم في إيران، في الوقت الذي تطالب فيه هذه الدول بالتخلي عن هذه القدرات من قبل إيران، لا يحمل أي منطق.

الدعم العلني للهجمات العسكرية غير القانونية على المنشآت النووية الإيرانية، والتي تحميها القوانين الدولية، كما فعل المستشار الألماني بلا خجل، لا يمكن أن يُعتبر مشاركة حقيقية بأي حال من الأحوال.
ورغم أنّ الشعب الإيراني يطالب بضمانات لعدم تكرار هذه الانتهاكات، فإن إيران ما زالت مستعدة للحوار والدبلوماسية.

للخروج من هذا المأزق "الخاسر-الخاسر"، يجب على الدول الأوروبية الثلاث تغيير مسارها المدمر، ليس لإرضاء إيران، بل لصالحها هي نفسها، إذ أنّ التضحية بمصالحها الأمنية في ملف واحد لن تمنحها أي مكانة في ملفات أخرى.

إيران جاهزة للتوصل إلى اتفاق حقيقي ومستدام، يشمل رقابة دقيقة وقيوداً على التخصيب مقابل رفع العقوبات.

وإذا ضاعت هذه الفرصة القصيرة لتغيير المسار، فإن النتائج ستكون مدمرة على نحو غير مسبوق للمنطقة وما وراءها.

قد تحاول إسرائيل أن تظهر قدرتها على القتال نيابة عن الغرب، لكن كما رأينا في يونيو الماضي، الحقيقة أنّ القوات المسلحة الإيرانية القوية ما زالت جاهزة وقادرة على هزيمة إسرائيل إلى درجة تجعلها تضطر للجوء إلى "الجد الأكبر" (الولايات المتحدة) طلباً للحماية.

المغامرة الفاشلة لإسرائيل الصيف الماضي كلفت مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، وأتلفت معدات أمريكية حيوية كانت ضمن المخزون، ورسمت صورة الولايات المتحدة كقوة متهورة وقابلة للانجرار وراء حروب يختارها لاعبون متمردون.

إذا كانت أوروبا حقاً تسعى إلى حل دبلوماسي، وإذا أراد الرئيس ترامب الفرصة للتركيز على القضايا الحقيقية التي لم تُصنع في تل أبيب، فعليها منح الدبلوماسية الوقت والحيز اللازمين للنجاح. وإلا، فإن النتائج لن تكون مرضية على الإطلاق.
https://www.irantelex.ir/ar/news/4798/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة