QR codeQR code

من الجينات إلى القلب: الآليات الخفية لأمراض القلب الخلقية

إیران تلکس , 16 تشرين الثاني 2025 ساعة 15:09

مراسل : سید نصرالله-یوسف

إيران تلكس - تُعد أمراض القلب الخلقية من أكثر العيوب الخلقية شيوعًا، ويمكن أن تُشكل خطرًا على حياة المواليد الجدد منذ الولادة. وقد سعت دراسة جديدة، من خلال مراجعة دراسات عالمية، إلى تسليط الضوء على العوامل الوراثية والجينية المرتبطة بحدوث هذه الأمراض، ورسم آفاق جديدة للعلاج والوقاية


 



إن أمراض القلب الخلقية هي ببساطة خلل في بنية القلب أو أوعيته الرئيسية موجود منذ الولادة. يصيب هذا العيب حوالي 1% من المواليد الأحياء حول العالم، وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بسبب العيوب الخلقية. في كثير من الحالات، تسبب هذه التشوهات الإجهاض أثناء الحمل أو مشاكل تنفسية وقلبية حادة بعد الولادة. على الرغم من التقدم الطبي في علاج وجراحات القلب، لا تزال الأسباب الحقيقية لهذا المرض مجهولة إلى حد كبير.

يمكن أن يساهم مزيج معقد من العوامل الوراثية والبيئية، وحتى التغيرات الجزيئية الطفيفة في كيفية عمل الجينات، في تكوين هذه العيوب.

تكمن أهمية البحث في أمراض القلب الخلقية في أن كل اكتشاف جديد في هذا المجال يُمهد الطريق للتشخيص المبكر والوقاية في العائلات المعرضة للخطر، بل وحتى لتصميم علاجات مُوجهة. ولا سيما في المجتمعات التي يشيع فيها زواج الأقارب، تتضاعف أهمية معرفة دور الجينات والطفرات الجديدة في هذا المرض.

واليوم، أتاحت التقنيات الجينية الحديثة، مثل تسلسل الحمض النووي وتحليل الحمض النووي الريبوزي (RNA) لخلايا القلب، للباحثين دراسة وظيفة الجينات المُشاركة في نمو القلب على نطاق غير مسبوق. ولم تُساعد هذه الأدوات في تحديد الطفرات المُسببة للمرض فحسب، بل زودت العلم أيضًا برؤية جديدة لكيفية تمايز خلايا القلب ونموها.

في هذا الصدد، أجرت مهري خاتمي من قسم الأحياء بجامعة يزد، بالتعاون مع زميلين لها، دراسة مراجعة تتناول دور العوامل الوراثية والجينية في حدوث أمراض القلب الخلقية. ومن خلال مراجعة عشرات المقالات الدولية، سعى هذا الفريق العلمي إلى رسم صورة شاملة للآليات الوراثية والجزيئية المؤثرة في حدوث هذه الأمراض، وإظهار الفجوات المعرفية في هذا المجال.

في الخطوة الأولى، أجرى الباحثون بحثًا موسعًا في قواعد بيانات علمية مرموقة مثل PubMed وScopus وScienceDirect. وفي النهاية، تم اختيار 86 مقالة علمية مرموقة، واستُخرجت بياناتها يدويًا بعناية. ثم صنّف الباحثون هذه البيانات وحللوها لتحديد الأنماط المشتركة والاختلافات المهمة بين الدراسات المختلفة.

وأظهرت نتائج الدراسات أن بعض الأسباب الجينية الأكثر شيوعا لأمراض القلب الخلقية تتضمن تغيرات في عدد أو بنية الكروموسومات؛ وهي تغيرات تحدث أحيانا "من جديد" في الجنين ولا تكون موجودة لدى الوالدين.

تُسهم أيضًا التشوهات المعروفة باسم "متغيرات عدد النسخ" (CNVs) بشكل كبير في الإصابة بهذا المرض. تُظهر الأبحاث أن حتى الطفرات الصغيرة في الجينات التي تُنظّم نمو وانقسام خلايا القلب يُمكن أن تُعطّل تكوين جدران القلب وصماماته.

أبرزت مجموعة أخرى من النتائج دور مسارات الإشارات داخل الخلايا، مثل TGFβ وWNT وNotch، في تكوين القلب. هذه المسارات عبارة عن شبكات من الاتصالات الخلوية تُعلم الخلايا بموعد الانقسام أو التمايز أو التوقف. أي خلل في هذه الإشارات قد يؤدي إلى تشوهات خلقية. كما تلعب بعض عوامل النسخ، مثل NKX2-5 وGATA4، دورًا حاسمًا في تحديد مصير خلايا القلب.

ومن ناحية أخرى، أظهرت الأبحاث أن العوامل الوراثية، أي التغيرات التي تحدث في طريقة عمل الجينات دون تغيير الحمض النووي نفسه، تلعب دوراً هاماً في حدوث المرض.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب عمليات مثل ميثلة الحمض النووي، والتعديلات الكيميائية للهيستون، وإعادة تشكيل الكروماتين، دورًا في تنظيم التعبير الجيني للقلب. إذا حدثت هذه التغييرات في الوقت أو المستوى غير المناسبين، فقد تُعطل المسار الطبيعي لنمو القلب.

خلص الباحثون إلى أنه على الرغم من التقدم العلمي الكبير، لا يزال جزء كبير من السبب الجيني لأمراض القلب الخلقية مجهولاً. ويمكن أن يُسهم فهم هذه العوامل بشكل أفضل في تحسين أساليب الفحص أثناء الحمل وتحديد العائلات المعرضة للخطر. وأشاروا إلى أن الجمع بين الدراسات الجينية والدراسات فوق الجينية في المستقبل قد يُسهم في تطوير علاجات جديدة، بل وحتى في الوقاية من هذا المرض.

استمرارًا للدراسة، التي نُشرت نتائجها في "مجلة البحث العلمي لجامعة الشهيد صدوغي للعلوم الطبية، يزد"، أوضح الباحثون، في إشارة إلى النتائج الجديدة، أن الطفرات الجينية في مسارات الإشارة وعوامل النسخ لها أنماط وراثة معقدة، ولا يمكن تفسيرها فقط بالقواعد الجينية البسيطة.

لذلك، ينبغي أن تكون الدراسات المستقبلية متعددة العوامل، وأن تأخذ في الاعتبار التأثيرات المتزامنة للجينات والبيئة والتغيرات فوق الجينية. كما أن زيادة الوعي العام بعوامل الخطر، وإجراء الاستشارات الوراثية للعائلات التي لديها تاريخ من المرض، يمكن أن يكون خطوة فعالة في الحد من حدوث هذه التشوهات.
 


رقم: 6026

رابط العنوان :
https://www.irantelex.ir/ar/news/6026/الجينات-إلى-القلب-الآليات-الخفية-لأمراض-الخلقية

ايران تلکس
  https://www.irantelex.ir